الحلقة المفقودة بين شركات التطوير العقاري وراغبي السكن والإستثمار
الحلقة المفقودة بين شركات التطوير العقاري وراغبي السكن والإستثمار
الحلقة المفقودة بين شركات التطوير العقاري وراغبي السكن والإستثمار
تأثر الإقتصاد في الثلاثة سنوات الأخيرة بالكثير من الأحداث والأزمات التي أدت إلى انهيار في كثير من القطاعات وارتفاع أسعار الكثير من السلع والمواد بشكل يفوق التوقعات. بداية من أزمة كورونا والحجر الصحي التي تعرض لها العالم ثم دخولاً إلى الحرب الروسية الأوكرانية .
كل هذه الأحداث أثرت بشكل كبير على شكل الإقتصاد في كل البلاد وأدت إلى حدوث الكثير من الاختلالات في الكثير من القطاعات ، وقطاع العقارات شأنه شأن جميع الصناعات يتأثر بشتى الأزمات السياسية والإقتصادية. وذلك يأتي نتيجة لاعتماده وتداخله مع صناعات وأسواق أخرى.
وعلى الرغم من أن السوق العقاري يعتبر واحد من الأسواق التي استطاعت أن تتخطى الكثير من الأزمات إلا أن الأزمة الإقتصادية العالمية التي تستمر في التأثير على كل البلاد حاليا تُثير التخوف لدى الكثير من الناس. ومع موجات التضخم المستمرة التي تضرب كل المجالات يأتي التساؤل الأهم ما هو مدى تأثير التضخم على العقارات…؟
تأثير الأزمات على سوق العقارات …
مواد البناء مثل الحديد والأسمنت تعتبر مكونات أساسية ولا بديل لها ومع ارتفاع أسعار استيراد هذه المواد الخام ستتأثر بالتبعية أسعار العقارات, ارتفاع أسعار أجور العمالة العقارية ، استمرار الإرتفاع في أسعار الأراضي أيضا يزيد من التكلفة على المطور العقاري ويجعل لا مفر من رفع أسعار المشاريع.
كل ما سبق من شأنه أن يزيد من تكاليف الإنشاءات والصيانة، وبالتالي يؤدي إلى ارتفاع أسعار الوحدات السكنية والتجارية. ومن الممكن أن يؤدي هذا الارتفاع إلى تراجع في حركة المبيعات في القطاع العقاري.
وبالرغم من تلك الأزمات وارتفاع الأسعار زاد الطلب على شراء العقارات ويأتي ذلك نظرا أن العقارات تعتبر ملاذا أمنا في ظل الأزمات المختلفة وهذا بسبب أنها تشكل صورة أكثر آمانا واستقرارا للحفاظ على الأموال حتى لا تستمر في فقد قيمتها إذا تم الاحتفاظ بها في صورتها السائلة.. وهنا يُحمل المطور العقاري عبء الحفاظ على ثقة العميل رغم التحديات التي يواجهها.
السبيل إلى مواجهة التحديات والحفاظ على ثقة العميل:
بعض الشركات تقف حائرة حيال اتخاذ قرارات إجبارية بزيادة السعر، ولكن هل سيتقبل السوق مجددا مستوى جديدا من الأسعار المرتفعة… فى ظل الضغوط التى تتعرض لها الدخول المالية للأفراد وتراجع القدرة الشرائية.
وتكمن المشكلة الأكبر هنا في في ان كافة هوامش المخاطر والربح المستقبلية المضافة على سعر البيع عند طرح المشروع لا يمكن أن تقارن بمعدلات التضخم الحالية نظراً لأن الشركات باعت جزءا كبيرا من مشروعاتها على الخريطة وتقوم حالياً بتنفيذ الإنشاءات لتلك المراحل.
لن تكون الخسائر قليلة على تلك الشركات فأغلبها اعتمد على هوامش ربحية قليلة جدا، ومدد سداد طويلة لتحريك المبيعات مع ارتفاع المنافسة فى السوق، فكيف يمكن أن تكمل المراحل المطلوبة للإنشاءات فى ظل نقص السيولة وارتفاع التكلفة، وتحت وطأة الإجراءات الحكومية الجديدة بتنظيم السوق ونسب التنفيذ المطلوبة.
لذا أقترح البعض اتخاذ بعض الاجراءات التي من شأنها العبور بأمان من الازمات الحالية :
1) أن تقوم الشركات مؤقتا بتعليق البيع فى مشروعاتها القائمة لحين اتضاح الرؤية، وأيضا مراجعة دراسات الجدوى للمشروعات الجديدة التى كان مخططا طرحها العام المقبل
2) تكوين حافظة أراضي كبيرة تجعل الشركات في مأمن من زيادة أسعار الأراضي وتوفر لهم الحرية في تنفيذ مشاريع مستقبلية.
3) إعادة النظر فى تصاميم المشروعات بما يسهم فى خفض التكاليف الاستثمارية دون التأثير على مستويات الجودة،من خلال اختيار مواد عالية الجودة والتأكد من توافرها في السوق، والتأكد من تطابقها مع المواصفات الفنية والمعايير العالمية
4) إعادة التفاوض بشأن تكلفة شراء المواد الخام من الموردين وإعادة تسعير منتجات ووحدات الشركة بما يعوض الزيادات الأخيرة في التكلفة
5) تخفيض تكاليف الإنشاءات والصيانة بتحسين كفاءة استخدام المواد والتخطيط والتحكم في التكاليف وتحسين إدارة المشاريع من خلال التخطيط والتحول إلى مصادر أخرى للمواد.
6) تسريع خطة استراتيجية تتضمن مراجعة تشكيلة المنتجات، وإمكانية تقديم منتجات جديدة ذات هوامش ربح أعلى، إلى جانب الاستفادة من هندسة القيمة لخفض التكاليف بصورة أكثر فعالية، وإعادة النظر إلى إدارة التدفقات النقدية والتمويل وأن نكون أكثر كفاءة فيما يتعلق بالتوظيف ونفقات الشركة.
7) التسليم السريع للمشروعات سيساعد في الحد من المخاطر المتعلقة بالتكلفة ، بسرعة إنجاز المشاريع لتجنب الزيادات المستقبلية في الأسعار، وزيادة عدد الوحدات التي يجري تشييدها، والاستفادة من المبادرات الحكومية لتمديد المواعيد النهائية للتسليم والتخفيف من الضغوط المالية واللوجستية.
8) اعتماد استراتيجية التحوط – استراتيجية تستخدمها شركات التطوير العقاري لتقليل المخاطر المتعلقة بالتضخم وتشمل شراء الأصول التي يمكن أن تحافظ على قيمتها في ظل التضخم، مثل العقارات والأسهم والسندات.، وفي بعض الحالات أدوات مثل الصكوك لتمويل مشاريعهم.
9) ضرورة اتخاذ الدولة لإجراءات تضبط قطاع المقاولات ما يسهم فى رفع الضغط عن الشركات، ووجود دعم من الحكومة على عقود البيع والشراء التي تُحمل المشترين جزءاً من ارتفاع تكاليف البناء.
ونختتم مقالنا، بأن القطاع العقاري من أهم الصناعات التي تمثل عصب الاقتصاد المصري في المرحلة القادمة.. حيث أن الشركات المصرية ما زالت تعمل بكامل طاقتها رغم التحديات الاقتصادية العالمية وذلك بفضل نمو الطلب علي العقار واتجاه الدولة لدعم التنمية العمرانية في رؤية مصر 2030 لزيادة المساحة العمرانية بجانب استمرار العمل بالمدن الجديدة وتدني أسعار الفائدة مما يعطي دافع كبير للشركات العقارية في الصمود ضد اي أزمات والتوسع في إقامة المشاريع العقارية المختلفة.، لذا على الدولة تشجيع الشركات العقارية التي تمتلك فكر جديد للتطوير العقاري والتنمية العمرانية والتي تقدم منتجات جديدة وإتاحة الأراضي لكل الشركات الجادة وألا يتم الاستحواذ عليها من قبل كيانات وشركات معينة لتحقيق المنافسة العادلة وتشجيع الاستثمار المباشر.